فصل: (3/184) باب ما جاء في الوتر بركعة وبالإيتار إلى تسع بتسليم واحد وأن أكثره إلى اثنتي عشرة ركعة ويوتر بالثالثة عشرة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[3/184] باب ما جاء في الوتر بركعة وبالإيتار إلى تسع بتسليم واحد وأن أكثره إلى اثنتي عشرة ركعة ويوتر بالثالثة عشرة

1430 - عن ابن عمر قال: «قام رجل، فقال: يا رسول الله! كيف صلاة الليل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صلاة الليل مثنى مثنى، فإن خفت الصبح فأوتر بواحدة» رواه الجماعة، ولأحمد: «صلاة الليل مثنى مثنى، تُسلم في كل ركعتين»، ولمسلم: «قيل لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: تسلم في كل ركعتين»، وللخمسة: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى»، وصححهما ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في "المستدرك"، وقال البيهقي: قال البخاري: صحيحة، وصححها الخطابي والعراقي، وضعفها جماعة من الأئمة، وقال البيهقي: إنها زيادة من ثقة مقبولة.
1431 - وعن ابن عمر وابن عباس أنهما سمعا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الوتر ركعة من آخر الليل» رواه أحمد ومسلم.
1432 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يُسَلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة» رواه الجماعة إلا الترمذي.
1433 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر بثلاث لا يفصل بينهن» رواه أحمد، والنسائي ولفظه: «كان لا يسلم في ركعتي الوتر» وضعف أحمد إسناده، وأخرجه البيهقي والحاكم بلفظ أحمد، وأخرجه أيضًا البيهقي والحاكم بلفظ النسائي، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
1434 - وأخرج الشيخان عنها أنها قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهنّ، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا».
1435 - وعن أبيّ بن كعب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الوتر: بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الركعة الثانية: بقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة: بقل هو الله أحد، ولا يسلم إلا في آخرهن» رواه النسائي، ورجال إسناده ثقات إلا عبد العزيز بن خالد فهو مقبول. وأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه بدون قوله: «ولا يسلم إلا في آخرهن».
1436 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا توتروا بثلاث، أوتروا بخمس أو سبع، ولا تشبهوا بصلاة المغرب» رواه الدارقطني بإسناده، وقال: كلهم ثقات. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه، قال الحافظ: ورجاله كلهم ثقات، ولا يضر وقف من وقفه. وقد أخرجه محمد بن نصر من طريقين عن أبي هريرة، صححهما العراقي.
1437 - وأخرج البخاري من حديث ابن عباس في صلاته - صلى الله عليه وسلم - في بيت ميمونة: «ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن».
1438 - وعن أم سلمة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوتر بخمس وسبع لا يفصل بينهن بسلام ولا كلام» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه عن الحكم بن مِقْسَم عن أم سلمة.
1439 - وعن أم سلمة: «أنه - صلى الله عليه وسلم - أوتر بسبع» أخرجه الترمذي وحسنه، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وأخرج نحوه أحمد والطبراني بإسناد صحيح.
1440 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيحمد الله ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة، فلما أسنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذه اللحم أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنعه الأول فتلك تسع» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي، وفي رواية لأحمد والنسائي وأبي داود: «فلما أسن وأخذ اللحم أوتر بسبع ركعات لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلم إلا في السابعة»، وفي أخرى للنسائي: «صلى بسبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن».

.[3/185] باب وقت صلاة الوتر والقراءة فيها والقنوت

1441 - عن خارجة بن حذافة قال: «خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات غداةٍ، فقال: لقد أمدكم الله بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، قلنا: وما هي يا رسول الله؟ قال: الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر» رواه الخمسة إلا النسائي، وأخرجه الدارقطني والحاكم وصححه، وضعفه البخاري وغيره.
1442 - وقد روى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه، قال
في "التلخيص": وإسناده ضعيف، وسرد في "التلخيص" شواهد للحديث كلها ضعيفة.
1443 - وعن عائشة قالت: «من كُلِّ الليل قد أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أول الليل ووسطه وآخره وانتهى وتره إلى السحر» رواه الجماعة، ولفظ البخاري: «كلّ الليل أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتهى وتره إلى السحر»، وفي رواية الترمذي: «وانتهى وتره حتى مات في السحر»، وقال: حسن صحيح.
1444 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أوتروا قبل أن تُصْبِحوا» رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود.
1445 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ثم ليرقد، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل» رواه أحمد ومسلم، والترمذي وابن ماجه.
1446 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر» رواه الترمذي، ولمسلم من حديثه مرفوعًا: «من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترًا قبل الصبح».
1447 - وعن أبيّ بن كعب قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الوتر: سبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد» رواه الخمسة إلا الترمذي، وقد تقدم الكلام عليه قريبًا.
1448 - وللخمسة إلا أبا داود مثله من حديث ابن عباس.
1449 - ولأحمد والنسائي نحوه عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه.
1450 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الأولى: بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية: بقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة: بقل هو الله أحد والمعوذتين» رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وقال العُقَيلي: إسناده صالح، وأخرجه الحاكم وقال: على شرطهما.
1451 - وعن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: «علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت،وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت» رواه الخمسة، وحسنه الترمذي، ولم يذكر فيه: «قنوت»، إنما قال: «في الوتر»، وقال: لا يعرف في القنوت أحسن من هذا. وقال في "الخلاصة": إسناده على شرط الصحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وزاد الطبراني والبيهقي: «ولا يعز من عاديت»، قال في "الخلاصة": بإسناد لا أعلم به بأسًا، وقال البيهقي في "الخلاصة": سندها ضعيف، وتعقبه في "التلخيص"، وزاد النسائي: بإسناد حسن، قال في "الخلاصة" بعد قوله: «تباركت وتعاليت» «وصلى الله على النبي»، وقال النووي: إن إسنادها صحيح أو حسن، وتعقبه الحافظ بأنه منقطع.
1452 - وفي رواية البيهقي عن ابن عباس: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت من صلاة الصبح»، قال في "بلوغ المرام": وفي سنده ضعف.
1453 - وعن علي رضي الله عنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في آخر وتره: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» رواه الخمسة والبيهقي والحاكم وصححه مقيدًا بالقنوت، وأخرجه الدارمي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان في كتبهم وليس فيه ذكر الوتر.

.[3/186] باب لا وتران في ليلة وختم صلاة الليل بالوتر وما جاء في نقضه

1454 - عن طَلْق بن علي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا وتران في ليلة» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وحسنه الترمذي، وأخرجه ابن حبان وصححه.
1455 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا» رواه الجماعة إلا ابن ماجه.
1456 - وعن أم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يركع ركعتين بعد الوتر» رواه الترمذي ورواه أحمد وابن ماجه وزاد: «وهو جالس».
1457 - وقد سبق في حديث عائشة: «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يركع ركعتين بعد ما يسلم» رواه أحمد ومسلم.
1458 - وقد روي عن ابن عمر جواز نقض الوتر بركعة تشفعه، ثم يصلي ما شاء ويوتر بعد ذلك. رواه أحمد.
1459 - وعن علي مثله رواه البيهقي والشافعي.
1460 - وعن أبي قتادة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: متى توتر قال: أوتر من أول الليل، وقال لعمر: متى توتر؟ قال: أوتر من آخر الليل، فقال لأبي بكر: أخذ هذا بالحذر، وقال لعمر: أخذ هذا بالقوة» أخرجه أبو داود وهذا لفظه وصححه الحاكم على شرط مسلم، وقال العراقي: صحيح.
1461 - وأخرج نحوه ابن ماجه من حديث ابن عمر، وصححه الحاكم.
1462 - وأخرج نحوه أيضًا البزار من حديث أبي هريرة بسند ضعيف، وذكر الحديث الحافظ في "التلخيص" بغير هذا اللفظ، وزاد فيه: «ثم يقوم يتهجد» ولم أجدها لأبي داود، وابن ماجه والبزار، ولفظ "التلخيص" حديث: «كان أبو بكر يوتر ثم ينام، ثم يقوم يتهجد، وأن عمر كان ينام قبل أن يوتر، ثم يقوم فيصلي ويوتر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: أخذت بالحزم، وقال لعمر: أخذت بالقوة» رواه أبو داود وابن خزيمة والطبراني والحاكم من حديث أبي قتادة، قال ابن القطان: رجاله ثقات، والبزار وابن ماجه، وابن حبان والحاكم من حديث ابن عمر، وحسنه ابن القطان. انتهى.
1463 - وروى الخطابي بإسناده عن سعيد بن المسيب: «أن أبا بكر قال: أما أنا فأنام على وتر، فإذا استيقظت صليت شفعًا شفعًا»، وهذه الزيادة لم يخرجها أحد ممن ذكرنا، وقد تقدم في باب القضاء أحاديث قضاء الوتر وسائر النوافل.

.[3/187] باب ما جاء في التراويح

1464 - عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه الجماعة.
1465 - وعن عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله عز وجل فرض صيام رمضان، وسننت قيامه، فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه بإسناد ضعيف.
1466 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر الآخر من رمضان أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود، ولمسلم قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في رمضان مالا يجتهد في غيره، وفي العشر الآخر منه ما لا يجتهد في غيره».
1467 - وعن أبي ذر قال: «صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله! لو نفلتنا ببقية ليلتنا هذه، فقال:من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر فصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح؟ قال: السحور» رواه الخمسة، وصححه الترمذي، ورجال إسناده عند أهل السنن كلهم رجال الصحيح.
1468 - وعن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى الثانية فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبح، قال: قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم، وذلك في رمضان» متفق عليه. وفي رواية: قالت: «كان الناس يصلون في المسجد في رمضان بالليل أوزاعًا، يكون مع الرجل الشيء من القرآن فيكون معه النفر الخمسة أو السبعة أو أقل من ذلك أو أكثر يصلون بصلاته، قالت: فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أنصب له حصيرًا على باب حجرتي ففعلت، فخرج إليه بعد أن صلى عشاء الآخرة فاجتمع إليه من في المسجد فصلى بهم»، وذكرت القصة بمعنى ما تقدم غير أن فيها أنه لم يخرج إليهم في الليلة الثانية. رواه أحمد، وفي راوية للبخاري ومسلم: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس يتحدثون بذلك فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الليلة الثانية فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كان في الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما قضى الفجر أقبل على الناس ثم تشهد ثم قال: أما بعد: فإنه لم يخف عليَّ شأنكم الليلة ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها».
1469 - وعن زيد بن ثابت قال: «احتجر الناس حُجَيرة بخَصَفَةٍ أو حصيرة، قال عفان: في المسجد، وقال عبد الأعلى: في رمضان، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيها، قال: فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته، قال: ثم جاءوا إليه فحضروا وأبطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب، فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغضبًا، فقال لهم: ما زال بكم صنيعكم حتى ظنتت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة». وفي حديث عفان: «ولو كتب عليكم ما قمتم به، وفيه: فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود ولم يقل: في رمضان.
1470 - وعن عبد الرحمن بن عَبْدٍ القاري قال: «خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاعًا متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أَمْثَل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت إليه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله» رواه البخاري.
1471 - ولمالك في "الموطأ" عن يزيد بن رومان قال: «كان الناس في زمن عمر يقومون في رمضان بثلاث وعشرين ركعة»، وقوله: «ثلاث وعشرين» قال إسحاق: هذا أثبت ما سمعت في ذلك. انتهى. وقد اختلفت الروايات في قدر عدد الركعات، فقيل: إحدى عشرة، وقيل: إحدى وعشرون، وقيل: عشرون، وقال الترمذي: أكثر ما قيل: إنه يصلي بأحد وأربعين ركعة بركعة الوتر. انتهى.
1472 - وأما الوارد عنه - صلى الله عليه وسلم - فأخرج ابن حبان في "صحيحه" من حديث جابر «أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى بهم ثمان ركعات ثم أوتر».
قوله: «احتجر» الحجرة: الناحية، وحجيرة تصغير حجرة، «والخصفة»: نوع من الحصير.

.[3/188] باب ما جاء في قيام الليل والترغيب فيه

1473 - عن أبي هريرة قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: الصلاة في جوف الليل، قال: فأي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: شهر الله المحرم» رواه الجماعة، ولابن ماجه مثل فضل الصوم فقط.
1474 - وعن عمرو بن عَبَسَة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن» رواه الترمذي وصححه، ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه أبو داود والحاكم.
1475 - وعن عائشة قالت: «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تفطرت قدماه»، وفي أخرى: «كان يقوم من الليل حتى تفطرت قدماه، فقيل له: لم تصنع هذا يا رسول الله! وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا، قالت فلما بَدَّن وكثر لحمه صلى جالسًا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع» أخرجه البخاري ومسلم.
1476 - وعن أم سلمة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استيقظ ليلة فزعًا وهو يقول: لا إله إلا الله ماذا أنزل الليلة من الفتنة! ماذا أنزل الليلة من الخزائن!»، وفي رواية: «ماذا فتح من الخزائن! من يوقظ صواحب الحُجُرات يريد أزواجه فيصلين، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة» أخرجه البخاري و"الموطأ" والترمذي وقال: حسن صحيح.
1477 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أَحدكم إذا هو نائم ثلاث عقد يضرب على كل عقدة مكانها عليك ليل طويل، قال: فإن استيقظ فذكر الله انجلت عقدة، فإن توضأ انجلت عقدة، فإن صلى انجلت عقده كلها، فإن أصبح أصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» أخرجه الجماعة إلا الترمذي.
1478 - وعن ابن مسعود قال: «ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقيل: ما زال نائمًا حتى أصبح ما قام إلى الصلاة فقال: ذلك رجل بال الشيطان في أذنه أو قال: في أذنيه» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
1479 - وعن ابن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
1480 - وعن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «عجب ربنا من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه من حبه وأهله إلى صلاته، فيقول الله تعالى: انظروا إلى عبدي ثار عن وطائه وفراشه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي» أخرجه ابن حبان في "صحيحه" وأحمد وأبو يعلى، والطبراني في "الكبير"، قال العراقي: وإسناده جيد.
1481 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» أخرجه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: «أن الله عز وجل يمهل، حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى سماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من داع؟ حتى ينفجر الفجر» وفي أخرى له: «هل من سائل فيعطى؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ حتى ينفجر الصبح».
1482 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا» رواه الجماعة إلا الترمذي، فله فضل الصوم فقط، وسيأتي هذا الحديث في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى.

.[3/189] باب مشروعية افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين وكيفية القراءة والقصد فيها

1483 - عن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين» رواه أحمد ومسلم.
1484 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
1485 - وعن عائشة «أنها سئلت كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل؟ فقالت: كل ذلك قد كان يفعل، ربما أسر وربما جهر» رواه الخمسة، وصححه الترمذي ورجاله رجال الصحيح.
1486 - وعن أبي سعيد قال: «اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمعهم يجهرون بالقراءة فشكف الستر، وقال: إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة، أو قال: في الصلاة» رواه أبو داود.
1487 - ولأحمد والبزار الطبراني نحوه من حديث ابن عمر.
1488 - وعن فروة بن عمرو البياضي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر بما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن» أخرجه أحمد، قال العراقي: بإسناد صحيح.

.[3/190] باب ما جاء في فضل من بات طاهرًا

1489 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من بات طاهرًا بات في شعاره ملك، فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بات طاهرًا» رواه ابن حبان في "صحيحه".
1490 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «طهروا هذه الأجساد طهركم الله، فإنه ليس من عبد يبيت طاهرًا إلا بات معه في شعاره ملك، لا ينقلب ساعة من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك هذا فإنه بات طاهرًا» رواه الطبراني في "الأوسط"، وإسناده جيد، وفي الباب أحاديث.
1491 - وقد تقدم في أبواب الغسل حديث: «أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه جنب».
قوله: «في شعاره» بكسر الشين المعجمة: هو ما يلي بدن الإنسان من ثوب وغيره.

.[3/191] باب صلاة الضحى

1492 - عن أبي هريرة قال: «أوصاني خليلي بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» متفق عليه. وفي لفظ لأحمد ومسلم: «ركعتي الضحى كل يوم».
1493 - وعن أبي الدرداء قال: «أوصاني حبيبي بثلاث لم أدعها ما عشت: بصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وألا أنام إلا على وتر» أخرجه مسلم وأبو داود.
1494 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعةً بنى الله له قصرًا في الجنة» رواه الترمذي واستغربه، قال في "التلخيص": وإسناده ضعيف، وقال في "الفتح": إن له شواهد تقويه.
1495 - وعن أبي سعيد قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى حتى نقول: لا يدعها، ويدعها حتى نقول، لا يصليها» أخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب.
1496 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يصبح على كل سُلَامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
1497 - وعن عبد الله بن بُرَيْدَةَ قال: سمعت أبي بريدة يقول: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «في الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منها بصدقة، قالوا: فمن الذي يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: النخاعة في المسجد يدفنها، أو الشيء ينحيه عن الطريق، فإن لم يقدر فركعتي الضحى تجزئ عنك» رواه أحمد وأبو داود، ورجال إسناده رجال الصحيح، إلا أحمد بن محمد المروزي، قال في "الكاشف": وكان من كبار الأئمة. انتهى. وعلي بن الحسين بن واقد اختلف في توثيقه وتضعيفه.
1498 - وعن نُعَيم بن هَمَّار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال ربكم عز وجل: يا بن آدم! صلِّ لي أربعَ ركعاتٍ من أولِ النهارِ أكفك آخره» رواه أحمد وأبو داود.
1499 - وهو للترمذي من حديث أبي ذر وأبي الدرداء، وقال: هذا حديث حسن غريب، وقال المنذري: الحديث في إسناده اختلاف كثير، وقد جمعت طرقه في جزء مفرد.
1500 - وعن عائشة قالت: «دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيتي فصلى الضحى ثمان ركعات» رواه ابن حبان في "صحيحه".
1501 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه، وفي رواية لمسلم عنها: «أنها سئلت هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى؟ قالت: لا. إلا أن يجيء من مغيبه»، وفي رواية له عنها: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها».
1502 - وعن أم هانئ «أنه لما كان عام الفتح أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بأعلى مكة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غسله فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه فالتحف به، ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى» متفق عليه. ولأبي داود وابن خزيمة عنها: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم الفتح سبحة الضحى ثمان ركعات يسلم بين كل ركعتين» وإسنادها صحيح على شرط البخاري.
1503 - وعن زيد بن أرقم قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل قباء وهم يصلون الضحى، فقال: صلاة الأوابين إذا رَمَضَت الفصال من الضحى» رواه أحمد ومسلم، والترمذي بلفظ: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل قباء وهم يصلون، فقال: صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال».
1504 - وعن عاصم بن ضمرة قال: «سألنا عليًا عن تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كان إذا صلى الفجر أمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة الظهر من هاهنا يعني من قبل المغرب قام فصلى أربعًا، أربعًا قبل الظهر إذا زالت الشمس، وركعتين بعدها، وأربعًا قبل العصر يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين، ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين» رواه الخمسة إلا أبا داود، وحسنه الترمذي، ورجال إسناده ثقات، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
قوله: «الضحى» قال في "غريب جامع الأصول": الضحى: بالضم والقصر حين تشرق الشمس وتضيء، وتذهب حمرتها التي تكون لها عند الطلوع، وبالفتح والمد عند ارتفاع النهار كثيرًا. انتهى.
قوله: «سُلامى» بضم السين وتخفيف اللام، وأصله عظام الأصابع وسائر الكف، ثم استعمل في عظام البدن ومفاصله.
قوله: «إذا رمضت الفصال» رمضت بفتح الراء وكسر الميم، وفتح الضاد المعجمة: أي احترقت من حر الرمضاء، وهي شدة الحر، أي أن تأخير الضحى إلى ذلك الوقت أفضل.